المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2025

حول توظيف الفكر النهضوي في تفكيك الخطاب الشعبوي

صورة
في حلقة من برنامج موازين للأستاذ وضاح خنفر بعنوان "الأمة بحاجة لإعادة بناء سقفها الحضاري" يقدم مفهوم "البحث عن المشتركات" تحت سقف حضاري واحد بديل للأيديولوجيا التي كانت توحد الناس ولكنها تصنع الفروق؛ أنا أرى أن هذه الدعوة لا تخلو من بعض الطوباوية كغيرها من الدعوات الإصلاحية ذات الطابع التوجيهي العام التي تحمل نقيضها في صميم تكوينها، فهي ما إن تنطلق من الحوار حول الكليّات حتى تصطدم بالجزئيات فتتحول إلى ايديولوجيا بفعل تقلّص نطاق الممكن. كما أن ما وُصف في بداية الحلقة بأنه عصر "غياب الأيديولوجيا" قد يكون في الواقع عصر "تحول الأيديولوجيا". فحركة انحسار الأيدولوجيات الكبرى التقليدية (مثل القومية والاشتراكية) جاءت بفعل ظهور أيدلوجيا مقترنة بالخطاب الإسلامي واكتسابها قدرة استقطابية قلّصت من نطاق شعبية باقي الأيدولوجيات، وأسهمت في تحويلها إلى أنماط أقل حدة قد تعود مدفوعة بحركة الاقصاء الاجتماعي. ما لم يتم تبني دعوة الاستاذ وضاح إلى تأسيس خطاب ديني نقي من التوظيف السياسي، متجدد في لغته، وقادر على نقل المقاصد الكبرى للدين بلغة يفهمها الناس، وتلا...

قراءة في واقع السلطة السورية: جدليّة الثابت والمتحرك

صورة
تبددت مشاعر الخوف شيئًا فشيئًا، وانكشفت أمامنا معالم الأفق، فأصبح بإمكاننا إدراك ما كان غائبًا والتعبير عمّا كان مكتومًا، وبدأ يتشكل لدينا شعور متزايد بقدرتنا على توظيف هذه المساحة المكتسبة من الحرية في إعادة تشكيل واقعنا نحو صورة أكثر إشراقًا، رسمناها في مخيلتنا، وربطنا تحقيقها بالأمل الذي وضعناه على عاتق ولاة أمرنا الجدد. أنصتنا إليهم، وتأملنا في خطابهم، بل وتماهينا مع بعض تطلعاتهم. وأدركنا تدريجيًا شخوص وأبعاد السلطة الجديدة، وبدا لنا أن ما يُقال قد يحمل معاني مختلفة، فللكلمة صورة في ذهن قائلها، وأخرى في ذهن متلقيها، وما بين الصورتين قد تتسع الفجوة. في عهد النظام السابق، كانت السلطة الاستبدادية تُمارس بأسلوب مركزي وعمودي، من خلال هرمية صلبة تضع الحكم في يد جهة واحدة، تنساب منها القرارات إلى الأسفل، عبر طبقات من المسؤولين والجهات المتنفذة. هذا النمط من السلطة يقوم على طمس الحدود بين الواقع المدني والعسكري بشكل منهجي كجزء من استراتيجية تعزيز السيطرة المطلقة على مفاصل الدولة والمجتمع، والهيمنة على كافة مناحي الحياة، وتسييس المؤسسات مثل النقابات والجامعات والإعلام من ...