حول توظيف الفكر النهضوي في تفكيك الخطاب الشعبوي
في حلقة من برنامج موازين للأستاذ وضاح خنفر بعنوان "الأمة بحاجة لإعادة بناء سقفها الحضاري" يقدم مفهوم "البحث عن المشتركات" تحت سقف حضاري واحد بديل للأيديولوجيا التي كانت توحد الناس ولكنها تصنع الفروق؛ أنا أرى أن هذه الدعوة لا تخلو من بعض الطوباوية كغيرها من الدعوات الإصلاحية ذات الطابع التوجيهي العام التي تحمل نقيضها في صميم تكوينها، فهي ما إن تنطلق من الحوار حول الكليّات حتى تصطدم بالجزئيات فتتحول إلى ايديولوجيا بفعل تقلّص نطاق الممكن. كما أن ما وُصف في بداية الحلقة بأنه عصر "غياب الأيديولوجيا" قد يكون في الواقع عصر "تحول الأيديولوجيا". فحركة انحسار الأيدولوجيات الكبرى التقليدية (مثل القومية والاشتراكية) جاءت بفعل ظهور أيدلوجيا مقترنة بالخطاب الإسلامي واكتسابها قدرة استقطابية قلّصت من نطاق شعبية باقي الأيدولوجيات، وأسهمت في تحويلها إلى أنماط أقل حدة قد تعود مدفوعة بحركة الاقصاء الاجتماعي. ما لم يتم تبني دعوة الاستاذ وضاح إلى تأسيس خطاب ديني نقي من التوظيف السياسي، متجدد في لغته، وقادر على نقل المقاصد الكبرى للدين بلغة يفهمها الناس، وتلا...